coucouya SuperAdmin
عدد المساهمات : 172 تاريخ التسجيل : 26/11/2011 العمر : 37
| موضوع: عذاب القبر و نعيمه حق والإيمان به واجب شرعا الإثنين 18 يونيو 2012, 00:31 | |
| إتفق أهل السنة و الجماعة على أن عذاب القبر و نعيمه حق وأن المؤمن والكافر و المنافق كلهم يسألون في قبورهم وأن ذلك يقع على الروح والجسد تبعا لما تشعر به الروح و خالف في ذلك بعض الخوارج والمعتزلة واستدلوا بأدلة عقلية واهية نقلية متناقضة مؤولين ومفسرين الآيات حسب أهوائهم وارائهم الفاسدة وقد رد عليهم أهل السنة والجماعة في حينها بأدلة عقلية ونقلية قوية وصحيحة وواضحة وفي هذه الآونة ظهر بعض الأشخاص الذين تبنوا بعض هذه الآراء والأفكار المنحرفة وأخذوا يبثون سمومهم بين صفوف الأمة ويقولون أنه لا عذاب ولا نعيم في القبر قبل يوم القيامة ويزعمون أن من قال بعذاب القبر قبل يوم القيامة فقد نسب الظلم إلى الله تعالى 0 واستدلوا على ذلك بحجج عقلية ونقلية واهيةة ولووا عناصر الآيات الكريمة لتوافق أهوائهم وأرائهم الباطلة وزعموا أن لا دليل على عذاب القبر من القرآن وأولوا بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في عذاب القبر ورفضوا البعض الآخر كما أنكروا وجود أحاديث في نعيم القبر غير بعض الأحاديث الضعيفة وأنكروا أن يكون هناك حديثا صحيحا في نعيم القبر أو سؤال الملكين إلى غير ذلك من الإدعاءات الباطلة 0 وخطأوا الصحابة الكرام والسلف الصالح في فهمهم لعذاب القبر بل لم يأخذوا بما صح وتواتر عن النبي –صلى الله عليه وسلم – من ثبوت عذاب القبر ونعيمه وأنكروا الحياة البرزخية 0 ويا ليتهم إكتفوا بالأخذ بهذه العقائد الفاسدة لأنفسهم بل أخذوا يروجون لها بين عامة المسلمين بل ويكفرون مخالفيهم 0 لذا كان لزاما على علماء الأمة أن يتصدوا لهذه الشرذمة الضالة المضلة التي اختارت مشاققة الرسول –صلى الله عليه وسلم – واتباع غير سبيل المؤمنين كما قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )النساء 115 0
وبما أن أقولهم وأفكارهم التي يعتقدونها ويروجون لها وينشرونها بين عامة المسلمين خطيرة على عقيدة الأمة وقد تؤدي بهم إلى الفسق أو الكفر في حال اعتقادهم لها فإن علينا أن نذكر بعض حججهم الواهية وأن نرد عليها بحجج قوية صحيحة ثابتة من كتاب الله تعالى وأحاديث لرسوله الكريم –صلى الله عليه وسلم – الصحيحة المتصلة السند وأقوال الصحابة الكرام أبر هذه الأمة قلوبا وأعمها علوما وأقلها تكلفا وأقومها هداية وأحسنها حالا الذين اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينهم فنقول وبالله التوفيق :
أولا:
زعموا أن السلف قد أخطأوا في فهمهم لعذاب القبر الذي لم يقصد به إلا عذاب جهنم وقالوا أنه لايوجد دليل واحد في القرآن الكريم يشير إلى عذاب القبر بينما توجد عشرات الآيات التي تنفي عذاب القبر نفيا قاطعا كما زعموا ، والصحيح هو عكس ما زعموا فإنه لا يوجد في القرآن الكريم آية واحدة تنفي عذاب القبر ونعيمه ،واليكم بعض هذه الآيات مع تفسير موجز لها كما فسرها الذي أنزلت عليه ، وكما فسرها الصحابة الكرام الذين شاهدوا التنزيل ، وكما فسرها سلف هذه الأمة من خير القرون لا كما فسرها هؤلاء الضالين
1. قوله تعالى ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) إبراهيم 27 ، هذه الآية فسرها الرسول –صلى الله عليه وسلم – بأنها نزلت في عذاب القبر وسؤال الملكين وقد ورد هذا في عدة روايات صحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما ومن عدة طرق ،فعن البراء بن عازب عن النبي –صلى الله عليه وسلم – قال"يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ،نزلت في عذاب القبر ،فيقال له من ربك ؟ فيقول ربي الله ونبيي محمد فذلك قوله عز وجل (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )" رواه البخاري ومسلم 0 2. وقوله تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) طه 124 ، فقد فسرها أيضا النبي الكريم بأنها عذاب القبر فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال" فإن له معيشة ضنكا ، عذاب القبر " رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم 0 3. قوله تعالى حكاية عن آل فرعون ( النار يعرضون عليها غدوا و عشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) غافر 45/46 ، قال القرطبي في تفسير هذه الآية الجمهور على أن هذا العرض يكون في البزخ إذ لا غدو ولا تمشي في الآخرة وإنما الغدو والعشي في الدنيا بدليل قوله تعالى ( ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) 0 4. وقوله تعالى في حق الذين كفروا (سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) التوبة 111 ، قال الطبري :ولأغلب أن إحدى المرتين عذاب القبر ، والثانية إما الجوع أو السبي أو القتل أو الإذلال وغير ذلك 0 5. قوله تعالى ( ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم و ذوقوا عذاب الحريق ) الأنفال 50 ، فقد قالت لهم الملائكة فور قبض أرواحهم ذوقوا عذاب الحريق ولم يقولوا لهم ستذوقون عذاب الحريق إلى غير ذلك من الآيات القرآنية الكريمة التي تدل بوضوح على عذاب القبر كما فسرها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام وعلماء التفسير من السلف الصالح 0
ثانيا: أما زعمهم وتساؤلهم إذا كان هناك عذاب في القبر فلماذا لا يكون هناك نعيما ؟ ولماذا وردت أحاديث كثيرة في عذاب القبر ولم ترد سوى أحاديث ضعيفة قليلة في نعيم القبر ؟ نقول لهم : إن كنتم لا تدرون فتلك مصيبة ، وإن كنتم تدرون فالمصيبة أعظم ! ونقول لهم : ما رأيكم في عشرات الأحاديث الصحيحة والصريحة التي وردت في كتب الحديث وعلى رأسها صحيحا البخاري ومسلم ، وإليكم بعض هذه الأحايث التي فاتكم الإطلاع عليها :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال:" أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها عليه ،وإن تكن غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم " رواه البخاري ومسلم 0 2. وعنه أيضا عن النبي- صلى الله عليه وسلم – قال "المؤمن في قبره في روضة خضراء ويرحب قبره سبعون ذراعا وينور له كالقمر ليلة البدر ......" رواه ابن حبان في صحيحه 0 3. وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ، يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة " رواه البخاري ومسلم وأحمد 0 4. وما روي عن أم حارثة بن سراقة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم-فقالت : يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة –وكان قتل يوم بدر أصابه سهم غرب - فإن كان في الجنة صبرت وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء ، قال: يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى" رواه البخاري 5. وما جاء في الحديث الصحيح الطويل"...... ثم قال : وينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي فألبسوه من الجنة وأ فرشوه منها وأروه منزله منها فيلبس من الجنة ويفرش منها ويرى منزله فيها ، ويفسح له مد بصره ويمثل له عمله في صورة رجل حسن الوجه ، طيب الريح ، حسن الثياب فيقول : أبشر بما أعد الله لك ، أبشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم ......" رواه جماعة من الأئمة الثقات عن الأعمش ورواه أحمد في مسنده الفتح الرباني 7/74 وجمع الزوائد 3/49 وقال رجاله رجال الصحيح وأخرجه أبو داوود في السنن وصححه البيهقي 0 فهذا الحديث واضح وصريح وصحيح في أن الميت في قبره ينعم كما يعذب الكافر والمنافق ، إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تشير إلى نعيم القبر لا كما ادعى المنكرون 0 ثالثا :
وقد زعمت هذه الفرقة الضالة المضلة أنه لا عذاب بعد الموت دون يوم القيامة ، وأن من يقول بوجود عذاب في القبر فقد نسب الظلم إلى الله تعالى ! فنقول لهم إن كانوا ممن يؤمنون بالقرآن والسنة ،ما رأيكم بما صح وثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الأحاديث الصحيحة المتصلة السند والتي بلغت حد التوتر والتي ذكر منها البخاري ومسلم في صحيحهما ما يزيد على مائتي حديث صحيح في عذاب القبر ونعيمه ، كما ذكر الإمام البيهقي في كتابه إثبات عذاب القبر مائتين وأربعين حديثا صحيحا في عذاب القبر ونعيمه ،كما ذكر أنها كلها تذكر بصراحة ووضوح جلي دون لبس أو غموض أن الميت في قبره ينعم أو يعذب 0 فهل الرسول – صلى الله عليه وسلم – ينسب الظلم على الله تعالى لقوله بوجود عذاب في القبر قبل يوم القيامة ؟ سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم 0
وإلى أولئك الجاهلين بعض الأحاديث الصحيحة والصريحة الثابتة عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – والتي رواها أئمة الحديث وحفاظه الثقات العدول وعلى رأسهم الإمامان الجليلان البخاري ومسلم :
· عن زيد بن ثابت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلو لا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي اسمع " رواه مسلم 0 · عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم – بقبرين فقال "انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول ، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أجد جريدة رطبة فشقها نصفين ففرز في كل قبر واحدة ،قالوا يا رسول الله لم فعلت هذا ؟ قال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ) رواه البخاري ومسلم 0
· وعن زيد بن ثابت قال "بينما النبي- صلى الله عليه وسلم – في حائط لبني النجار على بغله له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه ، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال" من يعرف أصحاب هذه الاقبر ، فقال رجل: أنا ،وقال : فمتى مات هؤلأ قال :فاتوا في الاشراك ،فقال :إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي اسمع منه ، ثم قبل علينا بوجهه فقال : تعوذوا بالله من عذاب النار ،فقالوا نعوذ بالله من عذاب النار فقال "تعوذوا بالله من عذاب القبر ، قالوا " نعوذ بالله من عذاب القبر) رواه مسلم
· وعن عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم خيبر اقبل نفر من صحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – فقالوا فلان شهيد ، فلان شهيد حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم - : كلا إني رأيته في بردة غلها أو عباءة " رواه مسلم 0
· وعن أنس بن مالك رضي الله عنهما انه حدثهم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل محمد – صلى الله عليه وسلم - ؟ فأما المؤمن فيقول أشهد انه عبد الله ورسوله فيقال له انظر الى مقعدك من النار قد أبدلك الله مقعد من الجنة فيراهما جميعا ، و اما الكافر اوالمنافق فيقول لا ادري كنت اقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا بليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربوا بين اذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه الا الثقلين " رواه البخاري ومسلم 0 ويقول سبحانه وتعالى ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) النجم 3/ 4 0
رابعا :
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم – كثيرا ما يستعيذ بالله من عذاب القبر كما يستعيذ من عذاب النار
1. عن أبي هريرة قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يدعوا اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المسيح الدجال "رواه البخاري ومسلم 0 فنلاحظ أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد عطف في دعاءه عذاب النار على عذاب القبر والعطف يقتضي المغايرة ، بمعنى أن عذاب القبر غير عذاب النار في الآخرة 0
2. عن ابن عباس أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن ، يقول : قولوا اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم ونعوذ بك من عذاب القبر ونعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ونعوذ بك من فتنة المحيا والممات " رواه مسلم وقد ورد بأكثر من تسع روايات 0 إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة ، فهل كان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من عذاب لا وجود له ؟ وإن قالوا المقصود بعذاب القبر عذاب النار في الآخرة قلنا لهم إن هذا غير صحيح لأنه - صلى الله عليه وسلم – كان يعطف أحدهما على الآخر والعطف يقتضي المغايرة 0
قال الإمام القسطلاني في إرشاد الساري شرح صحيح البخاري ج2/ص460 ما نصه: وقد كثرت الأحاديث في عذاب القبر ، حتى قال غير واحد أنها متواترة وإن لم يصح مثلها لم يصح شيء من أمر الدين 0
وقال صاحب شرح العقيدة الطحاوية : وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان أهلا لذلك وسؤال الملكين ، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به 0
ويكفينا دليلا كتاب إثبات عذاب القبر للبيهقي والذي ذكر فيه مائتين وأربعين حديثا منها ثلاثة وسبعون حديثا رواها البخاري ومسلم ، وقد بلغ عدد الصحابة الذين رووا هذه الأحاديث تسعة وثلاثين صحابيا 0 وما ذكره البيهقي في كتابه ليس جميع الأحاديث وإنما معظمها ، حيث يوجد في صحيح البخاري ما يقارب مائة حديث في نعيم القبر وعذابه وفي حياة البرزخ وأن الميت يسمع وينعم في قبره أو يعذب ويضيق عليه قبره أو يتسع ، وفي صحيح مسلم ما يقارب هذا العدد أو يزيد ، فهل بعد ورود ما يزيد على مائتي حديث في صحيحي البخاري ومسلم بخصوص هذا الموضوع بالإضافة إلى ما ورد في كتب الأحاديث المعتمدة نقول أن أحاديث عذاب القبر أحاديث أحاد ؟ 0
وقد قال الحافظ ابن الصلاح وابن حجر وابن كثير : إذا اتفق البخاري ومسلم على حديث فإنه يفيد درجة علمية يقينية قطعية كالحديث المتواتر لأن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول الحسن ، ولا تجتمع الأمة على ضلالة 0
خامسا :
وقد زعموا أيضا أن الإنسان إذا مات فإن روحه لن تعود إليه إلى يوم القيامة وقد زعموا أن حديث الملكين منكر ونكير ضعيف رواه الترمذي ، وقال حسن غريب وقالوا أن معنى غريب شاذ وضعيف وهذا ينم عن جهل في علم مصطلح الحديث 0
· فالغريب : هو ما تفرد به راو واحد ،أي أتى من طريق واحدة وقد يكون صحيحا حسنا وقد يكون ضعيفا ولكل حكمه 0
· أما الشاذ : هو ما خالف فيه الثقة رواية الثقات 0
أما هنا فالحديث غير ضعيف بل هو كما قال الترمذي حسن غريب أي أنه ورد بسند حسن لكن من طريق واحد ، وقد ادعى بعضهم أنه لا يوجد إلا هذا الحديث الضعيف على حد زعمهم في سؤال الملكين وهذا غير صحيح ، حيث أنه قد وردت عدة أحاديث صحيحة وصريحة في سؤال الملكين ومنها في البخاري ومسلم وغيرهما ومنها :
1. عن أنس رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال "العبد إذا وضع في قبره وتولى وذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاهم ملكان فأقعداه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد – صلى الله عليه وسلم – فيقول أشهد انه عبد الله ورسوله فيقال أنظر الى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة ، قال النبي – صلى الله عليه وسلم –فيراهما جميعا ، وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها كل من يليه إلا الثقلين "رواه البخاري ومسلم 0
2. وما رواه البراء بن عازب أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال " المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا اله الا الله وأن محمد رسول الله فذلك قوله تعالى (مثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ) رواه البخاري و مسلم 0
3. ما روته اسماء بنت أبي بكر عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال "0000 وإنه قد أوحي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريب من فتنة المسيح الدجال ، يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل محمد – صلى الله عليه وسلم – فأما المؤمن وقال الموقن شك هشام فيقول هو رسول الله محمد جاءنا بالبينات والهدى فآمنا وأجبنا وتبعنا وصدقنا ،فيقال له نم صالحا قد كنا نعلم ان كنت لتؤمن به ، وأما المنافق أو قال المرتاب شك هشام فيقال له ما علمك بهذا الرجل محمد – صلى الله عليه وسلم – فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلت ، قال هشام فلقد قالت لي فاطمة فأوعيته غير أنها ذكرت ما يغلظ عليه " رواه البخاري 0
فهل في هذه الأحاديث الصحيحة المتصلة السند الثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أي لبس أو غموض في أن الإنسان مؤمنا كان أو كافر يسأل في قبره وينعم أو يعذب ؟ وهذه الأحاديث الصحيحة وغيرها من الأحاديث تبين بوضوح جلي أن هناك ملكين ينزلان على الإنسان في قبره فيسألاه فيثبت المؤمن ويضل الكافر والمنافق 0
سادسا:
وهناك مغالطات وتناقضات لهذه الفرقة التي تنكر عذاب القبر ، لو أردنا أن نقف بها واحدة واحدة لطال بنا المقام ، لكنهم بالنتيجة لا يؤمنون بما يقولونه من انهم يعتبرون القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما المصدران الأولان والوحيدان لدين الإسلام ، حيث أنهم لا يأخذون بالسنة المطهرة وإلا فما معنى ردهم لكل هذا الكم الهائل من هذه الأحاديث الصحيحة والصريحة لا لشيء ولكن لأنها لا توافق ولا تتفق وآرائهم الباطلة وأهوائهم الزائفة ، قال تعالى ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون )الجاثية 23 0 بل ما معنى رفضهم لما صح في الأحاديث الصحيحة من تفسير رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لبعض هذه الآيات التي أشارت إلى عذاب القبر وسؤال الملكين الواردة في الصحيحين وغيرهما ، وما معنى أنهم يلوون عناصر الآيات والأحاديث لتؤيد ما ذهبوا إليه من آراء فاسدة ، خالفوا فيها جماعة المسلمين وعلماء الأمة من مفسرين ومحدثين ومتكلمين واتبعوا غير سبيلهم ، كما قال تعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمن نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) النساء 115 0 ألا فليتقوا الله وليدعوا المراوغة فإما أن يقولوا نحن نأخذ بما صح وثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإن كان لا يتفق وأهوائنا وآرائنا ولا نجعل من عقولنا القاصرة حكما على أحاديث رسول – صلى الله عليه وسلم – وعلى ما دلت عليه بوضوح وعند ذلك تنتهي المشكلة فيتراجعون عن عقيدتهم الخاطئة التي كفروا فيها جماعة المسلمين وأئمتهم بل وتمادوا على الحضرة النبوية عندما قالوا بأن من قال بوجود عذاب في القبر قبل يوم القيامة فقد نسب الظلم إلى الله تعالى ، ومن نسب الظلم إلى الله تعالى فقد كفر وقد قال بعذاب القبر كل أهل السنة والجماعة والسلف الصالح بل وصح ذلك وتواتر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بمئات الأحاديث الصحيحة التي لا سبيل لأحد لإنكارها ، فإما أن يقولوا بأنهم لا يأخذون بالسنة بل يأخذون بالقرآن على حد زعمهم ، وهذا في الواقع ما يتبنونه وإن كانوا يختبئون وراء عبارات معسولة يتناقضون معها ويتضح ذلك لكل من ناقشهم أو اطلع على كتاباتهم في هذا الموضوع 0
سابعا:
إن هذا الرأي والإتجاه الخطير ينقض جميع أركان الاسلام فإذا قلنا لا نأخذ إلا ماورد في القرآن الكريم فمعنى ذلك أننا تناقضنا مع القرآن نفسه ، والله سبحانه وتعالى يقول ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) النساء 80 0ويقول ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) الحشر 75 0 ويقول ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) الأحزاب 21 0 ويقول ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) النجم 3-4 0ويقول فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) النساء 65 0 ويقول ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ) آل عمران 31 0 ويقول ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) النساء 59 0
إلى غير ذلك من عشرات الآيات القرآنية الكريمة التي تأمرنا باتباع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتنفيذ أوامره وتصديقه في كل ما يخبرنا به عن الله سبحانه وتعالى 0 كما أن هذا الكلام الخطير مقولة : لا نأخذ إلا بما ورد في القرآن ، ينقض جميع أركان الإسلام ومثال على ذلك :
جميع أركان الإسلام التي أمرنا الله بأدائها والمحافظة عليها جاءت في القرآن مجملة غير مفصلة وإنما بينتها وفصلتها السنة النبوية المطهرة ، فمثلا الصلاة لم يذكر في القرآن عدد ركعاتها (الصبح ركعتان ، والظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاثة ركعات ، والعشاء أربعة هذا غير موجود في القرآن الكريم إطلاقا ،وإنما بينته السنة المطهرة ، فإذا قلنا لا نأخذ إلا بما ورد في القرآن فمعنى ذلك أننا عطلنا فريضة الصلاة وكذلك الزكاة 0 الله أمرنا بإخراج الزكاة من أموالنا لكن ما مقدار هذه الزكاة وما نصابها وما هي شروطها ؟ كل ذلك لم يفصله القرآن وإنما فصلته السنة المطهرة ، فمثلا زكاة ألاموال ربع العشر أي اثنان ونصف بالمائة و ، وزكاة الحبوب والثمار العشر إن كانت بعلا ونصف العشر إن كانت سقيا ، وزكاة المواشي الأربعين شاة شاة واحدة ، هذا كله غير موجود إطلاقا في القرآن الكريم وإنما بينته السنة النبوية فإذا قلنا لا نأخذ إلا بما ورد في القرآن الكريم فيعني ذلك أننا قد عطلنا فريضة الزكاة وهكذا الحج والصيام وجميع أركان الإسلام وشعائره ، وأبحنا المحرمات وأسقطنا الفرائض والتكليفات 0
فالتشكيك في السنة النبوية والتشكيك في الأحاديث الصحيحة المتصلة السند برسول الله – صلى الله عليه وسلم – هو في الحقيقة تشكيك في الإسلام عقيدة وشريعة بل وتشكيك في القرآن نفسه لأن الذي أتانا بالسنة أتانا بالقرآن بما معنى أن نصدق القرآن ونكذب السنة . كما أن الذين رووا لنا الأحاديث الصحيحة هم الذين رووا لنا القرآن الكريم فما معنى أن نصدق روايتهم للقرآن ونشكك في روايتهم للأحاديث . أليس هذا تناقض واضح ؟
وقد نبهنا الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – وحذرنا من هذه المقولة الباطلة في الحديث الصحيح حيث قال " لا ألفين أحدا منكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري يقول : لا ندري ما هذا بيننا وبينكم القرآن ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه "
ثامنا :
إن هذه المقولة " لا نأخذ إلا بما ورد في القرآن " وراءها أُناس زنادقة مارقون يريدون أن يتوصلوا بهذه المقولة إلى نقض جميع أركان الإسلام و إباحة المحرمات
نقول لهذه الفئة الضالة دعكم من هذا التشكيك في عقيدة المسلمين فأنتم لستم من فرسان هذا الميدان فالله تعالى يقول " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " النحل 43 وأهل الذكر أهل الاختصاص في كل شيء والمراد بهم هنا اولوا الكتاب والعلم ولولا أن أخبارهم تفيد العلم لم يأمرنا الله بسؤالهم 0
أنا عندما أمرض ى أذهب إلى مهندس أو فقيه أو محدث وإنما أذهب إلى طبيب مختص وعندما اريد أن ابني بيتا لا أذهب لا أذهب إلى طبيب أو فقيه أو مفسر إنما إلى مهندس معماري مختص ، وعندما تكون لي قضية في المحكمة أذهب
إلى محام يدافع لي فيها نيابة عني . وكذلك عندما تختلف أو تشكل علينا مسألة في أمور الدين يجب أن نرجع فيها إلى أهل الذكر وأهل الاختصاص، ونرجع إلى الفقهاء في المسائل الفقهية وإلى المحدثين في مسائل الحديث وإلى علماء التفسير في مجال التفسير وهكذا 0
لأن من فسر القرآن برأيه فقد أخطأ ولو أصاب 0 فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه يسأل عن تفسير آية قصيرة من كتاب الله عز وجل وهي قوله تعالى (وفاكهة وابا ) فيقول : أما الفاكهة فقد عرفناها وأما الإبا فأي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله ما ليس لي به علم ثم رجع إلى الصحابة الآخرين الذين سمعوا تفسيرها من الرسول – صلى الله عليه وسلم – فأخبروه بأن الإبا هو ما تأكله الدواب من الأعشاب وهو ما يقابل الفاكهة للآدميين 0
وهؤلاء المارقون لا يقبلون بما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم من تفسير لبعض الآيات القرآنية إذا كانت لا تتفق وأهوائهم الزائفة وإلا فما معنى أنهم ينكرون عذاب القبر وقد صح في الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم في أكثر من طريق أن النبي – صلى الله عليه وسلم فسر قوله تعالى ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة ) بعذاب القبر وسؤال الملكين وهذا ثابت في الصحيحين 0 وفسر معيشة ضنكا في قوله تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ) قال : أتدرون ما المعيشة الضنك ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : عذاب القبر 0
فمن كل هذا نتيقن من صحة عذاب القبر ونعيمه ، وندعوا كل من ينكره إلى تقوى الله في أنفسهم وفي عامة المسلمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته | |
|